إن الأخلاق الكريمة والصفات الحميدة منها ما هو جبلي فطري يتحلى به الإنسان دون جهد ولا عناء، فبعض الناس قد يجبل على بعض الأخلاق كما في حديث أشج عبد القيس ـ رضي الله عنه ـ عندما قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنَّ فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة، فقال: أخلقين تخلقت بهما أم جبلني الله عليهما؟ فقال: بل جبلك الله عليهما، فقال الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله ورسوله" رواه مسلم، وكما قال – صلى الله عليه وسلم - : "ما أعطى أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر" متفق عليه، والناس متفاوتون في ذلك كما يتفاوتون في الذكاء والقوة، ومن جبل على خلق يسهل عليه ترسيخه في نفسه وممارسته مع الآخرين.
ومن الأخلاق والصفات ما هو مكتسب يمكن للمرء أن يحصله ويتحلى به وبالدربة والمران والمجاهدة، ومما يؤكد هذا أن الشرع قد أمر بالتخلق بالأخلاق الحسنة ونهى عن ضدها فلو لم يكن ذلك مقدوراً للناس لما ورد به الشرع، لأنه لا تكليف إلا بمقدور عليه، وأيضاً فقد بين الشرع إمكانية التخلق بالأخلاق الحسنة والتخلي عن الصفات الذميمة كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم"، وقال - صلى الله عليه وسلم - : "من يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله" وقد كان دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - : "اللهم أهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت"